جميع المواضيع

السبت، 26 يوليو 2014

قال تعلى:(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

تفسير بن كثير
يقول تعالى مخبراً عن موسى حين ذكّر قومه بأيام اللّه عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاكم من آل فرعون وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم فأنقذهم اللّه من ذلك، وهذه نعمة عظيمة، ولهذا قال: { وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك أنتم عاجزون عن القيام بشكرها. وقيل { بلاء} أي اختبار عظيم، ويحتمل أن يكون المراد هذا، وهذا - واللّه أعلم - كقوله تعالى: { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون} ، وقوله: { وإذ تأذن ربكم} أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم؛ ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، كقوله تعالى: { وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة} . وقوله: { لئن شكرتم لأزيدنكم} أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، { ولئن كفرتم} أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها، { إن عذابي لشديد} وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها، وقد جاء الحديث: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) وقوله تعالى: { وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن اللّه لغني حميد} أي هو غني عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفره.
تفسير الجلالين

شرح قو الله تعالى :(لئن شكرتم لأزيدنكم)

قال تعلى:(وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)

تفسير بن كثير
يقول تعالى مخبراً عن موسى حين ذكّر قومه بأيام اللّه عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاكم من آل فرعون وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم فأنقذهم اللّه من ذلك، وهذه نعمة عظيمة، ولهذا قال: { وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك أنتم عاجزون عن القيام بشكرها. وقيل { بلاء} أي اختبار عظيم، ويحتمل أن يكون المراد هذا، وهذا - واللّه أعلم - كقوله تعالى: { وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون} ، وقوله: { وإذ تأذن ربكم} أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم؛ ويحتمل أن يكون المعنى: وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، كقوله تعالى: { وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة} . وقوله: { لئن شكرتم لأزيدنكم} أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، { ولئن كفرتم} أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها، { إن عذابي لشديد} وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها، وقد جاء الحديث: (إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه) وقوله تعالى: { وقال موسى إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن اللّه لغني حميد} أي هو غني عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفره.
تفسير الجلالين

من طرف Unknown  |  نشر في :  12:01 م

0 التعليقات:


هل تبيع الدنيا بالشهادة؟


أرى أناسًا يقاتلون بعضهم البعض من أجل الدنيا، أرى أناسًا قد امتلأت بطونهم بالحرام والربا من أجل الدنيا، أرى أناسًا يتمتعون بكل شهوة من أجل الدنيا، أرى قلوبهم قد شيعت جنائزها، أرى الشيطان قد تملك منهم، فخالفوا أمر الله - تعالى، إنهم أناس ليسوا ببشر؛ لأنهم ينظرون إلى الدنيا كأنها هي الأولى والأخيرة، وقد حان وقت الشهادة فهي خير الموت، ودليل الشجاعة، وتملّك النفس، وانقياد للحق، وطاعة لله - تعالى، واعلم بأنه لا نفع في الدنيا ولا خير في المال، ولا سلطان في الجاه، ولا متعة في الحرام، ولا إيمان بمخالفة الرحمن.

إن الدنيا مقابل الشهادة أقل من أن يفكر الإنسان بأن يتمسك بهذه الدنيا، ألم تعلموا أن الدنيا سميت دنيا؛ لأنها دنيئة ليست بشيء بالنسبة للآخرة؟ قال - تعالى -: ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4]؛ فلا ينبغي للعاقل أن يَركَن إلى الدنيا، أو يغتر بها، أو يلهو بها عن الآخرة، أو تكون مانعة للموت في سبيل الله - تعالى؛ قال - تعالى -: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45]؛ فالحياة الدنيا كالماء الذي ينزل على الأرض فتنبت ثم تصبح كالهشيم تذروه الرياح فتطير به، فالدنيا مثل ذلك، قال - تعالى -: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخرة عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20]؛ فالدنيا في الآية الكريمة لا يتعلَّق بها إلا الكفَّار الذين يحبون اللهو، والزينة، والتفاخر، والتكاثر في الأموال والأولاد، وكالنبات الذي يزول وينتهي بعد أن أصبح مخضرًّا يفتخر الإنسان به، وفي النهاية عذاب شديد لمن آثر الحياة الدنيا على الآخرة، ومغفرة من الله - تعالى - ورضوان لمن آثر الآخرة على الدنيا، فلا يعقل المقارنة بين الشهادة والحياة، فالفارق كبير.

واعلم - يا مسلم - أن الدنيا تُلهِي الإنسان حتى الهلكة، فما فيها وما بها من مال وأولاد وطعام ولذة، لا يحرك ساكنًا أمام الخير في الجنة، فالدنيا إما أن تكون في قلوبنا فنهلك، وإما أن تكون في أيدينا فنسعد، فقد حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا حيث قال: ((أبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على مَن كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم))؛ متفق عليه.

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وجلسنا حوله، فقال: ((إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها))؛ متفق عليه.

الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة؛ فهي جسرٌ نعبر عليه إلى الآخرة، فلا بدَّ أن نأخذ من الدنيا ما ينفعنا في الآخرة، وأن نترك من الدنيا ما يضرنا في الآخرة حتى ولو نفعنا في الدنيا.

يا مسلم، يا عاقل، جاهدْ في سبيل الله - تعالى - وأقبلْ على الشهادة بصدر يملؤه السرور، وبقلب يملؤه العزة، وبنفس تملؤها الفخر، فلا عيشَ إلا عيش الآخرة؛ فعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة))؛ (متفق عليه).

الجهاد أمرٌ عظيم بعظم هذا الأمر، الجهاد نصر دائم؛ لأنك إما في الجنة بعد الشهادة، وإما عزيز بعد الفوز على الأعداء، فلا تنظر إلى أيامٍ تفنَى وتزول؛ فكل ما فيها زائل حتى لو طاب عيشها فهي للفناء، وإذا وضعت الدنيا أمام الآخرة، فلن تجد الدنيا إلا حقيرة ذليلة لا نخرج منها بشيء، كالذي يضعُ إصبعه في اليمِّ فلينظر بما يرجع؛ فعن ابن شداد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بما يرجع؟))؛ (رواه مسلم).

مَن خسر آخرته من أجل الدنيا فليعلم أنه خسر خسرانًا عظيمًا؛ فالإنسان إذا خاف من الشهادة والموت في سبيل الله - تعالى - من أجل دنيا حقيرة، فوالله لقد باع نفسه بأبخس الأشياء، فهو كالجَدْي الميِّت، بل أحقر من ذلك؛ فعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بالسوق والناس كنفتيه،فمرَّ بجَدْي أسكَّ ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه، ثم قال: ((أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟))، فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ إنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: ((فوالله، للدنيا أهونُ على الله من هذا عليكم))؛ (رواه مسلم).

اثبتْ في ميدان المعركة للنصر على الأعداء لتنصرَ دينك وربك، وإن متَّ فمتْ شهيدًا كما مات الشهداء من قبلُ، واعلم أنك لن تأخذ من دنياك إلا ما قدَّره الله - تعالى - لك، واعلم أنك غريبٌ، أو عابر سبيل؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبيه فقال: ((كنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))؛ (رواه البخاري)، فلا تركن إلى الدنيا ولا تتخذْها وطنًا، ولا تحدِّث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلَّق بها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تنشغلْ بها إلا بما ينشغل به الغريب الذي يريدُ الذهاب إلى أهله، وحتى نقبل على الشهادة بصدر مبتهج لا بدَّ أن نعلم أن الدنيا لا تُعِز مَن أعزَّها، ولا تُذِل مَن أذلها، فمَن أعزها أذلتْه، ومَن أذلها أعزتْه، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت الدنيا همه فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة))؛ (رواه ابن ماجه).

وأفضل ما يقال عن الدنيا ما كتبه الحسن إلى عمر بن عبدالعزيز في ذم الدنيا:
"أما بعد؛ فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار مقام، فاحذرها يا أمير المؤمنين؛ فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، تُذِل مَن أعزها، وتفقر مَن جمعها؛ كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فاحذر هذه الدار الغرارة الختالة الخداعة، وكنْ أسرَّ ما تكون فيها أحذرَ ما تكون لها، سرورُها مَشُوب بالحزن، صفوها مشوب بالكدر، فلو كان الخالق لم يُخبِر عنها خيرًا، ولم يضرب لها مثلاً لكانت قد أيقظت النائم، ونبَّهت الغافل، فكيف وقد جاء من الله - عز وجل - عنها زاجر، وفيها واعظ، فما لها عند الله - سبحانه - قدر ولا وزن، ولقد عُرِضت على نبينا مفاتيحها وخزائنها، فأبَى أن يقبَلها، وكَرِه أن يحبَّ ما أبغضه خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه، ذواها الله للصالحين اختيارًا، وبسطها لأعدائه اغترارًا، أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها؟ ونسي ما صنع الله بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حين شدَّ على بطنه الحجر، والله ما أحد من الناس بسط له في الدنيا، فلم يخَفْ أن يكون قد مكر به، إلا كان قد نقص عقله، وعجز رأيه، وما أمسك عن عبدٍ فلم يظن أنه قد خير له فيها، إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه".


هل تبيع الدنيا بالشهادة ؟


هل تبيع الدنيا بالشهادة؟


أرى أناسًا يقاتلون بعضهم البعض من أجل الدنيا، أرى أناسًا قد امتلأت بطونهم بالحرام والربا من أجل الدنيا، أرى أناسًا يتمتعون بكل شهوة من أجل الدنيا، أرى قلوبهم قد شيعت جنائزها، أرى الشيطان قد تملك منهم، فخالفوا أمر الله - تعالى، إنهم أناس ليسوا ببشر؛ لأنهم ينظرون إلى الدنيا كأنها هي الأولى والأخيرة، وقد حان وقت الشهادة فهي خير الموت، ودليل الشجاعة، وتملّك النفس، وانقياد للحق، وطاعة لله - تعالى، واعلم بأنه لا نفع في الدنيا ولا خير في المال، ولا سلطان في الجاه، ولا متعة في الحرام، ولا إيمان بمخالفة الرحمن.

إن الدنيا مقابل الشهادة أقل من أن يفكر الإنسان بأن يتمسك بهذه الدنيا، ألم تعلموا أن الدنيا سميت دنيا؛ لأنها دنيئة ليست بشيء بالنسبة للآخرة؟ قال - تعالى -: ﴿ وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى ﴾ [الضحى: 4]؛ فلا ينبغي للعاقل أن يَركَن إلى الدنيا، أو يغتر بها، أو يلهو بها عن الآخرة، أو تكون مانعة للموت في سبيل الله - تعالى؛ قال - تعالى -: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾ [الكهف: 45]؛ فالحياة الدنيا كالماء الذي ينزل على الأرض فتنبت ثم تصبح كالهشيم تذروه الرياح فتطير به، فالدنيا مثل ذلك، قال - تعالى -: ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الآخرة عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [الحديد: 20]؛ فالدنيا في الآية الكريمة لا يتعلَّق بها إلا الكفَّار الذين يحبون اللهو، والزينة، والتفاخر، والتكاثر في الأموال والأولاد، وكالنبات الذي يزول وينتهي بعد أن أصبح مخضرًّا يفتخر الإنسان به، وفي النهاية عذاب شديد لمن آثر الحياة الدنيا على الآخرة، ومغفرة من الله - تعالى - ورضوان لمن آثر الآخرة على الدنيا، فلا يعقل المقارنة بين الشهادة والحياة، فالفارق كبير.

واعلم - يا مسلم - أن الدنيا تُلهِي الإنسان حتى الهلكة، فما فيها وما بها من مال وأولاد وطعام ولذة، لا يحرك ساكنًا أمام الخير في الجنة، فالدنيا إما أن تكون في قلوبنا فنهلك، وإما أن تكون في أيدينا فنسعد، فقد حذرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدنيا حيث قال: ((أبشروا وأمِّلوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على مَن كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم))؛ متفق عليه.

وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وجلسنا حوله، فقال: ((إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها))؛ متفق عليه.

الدنيا ليست بشيء بالنسبة للآخرة؛ فهي جسرٌ نعبر عليه إلى الآخرة، فلا بدَّ أن نأخذ من الدنيا ما ينفعنا في الآخرة، وأن نترك من الدنيا ما يضرنا في الآخرة حتى ولو نفعنا في الدنيا.

يا مسلم، يا عاقل، جاهدْ في سبيل الله - تعالى - وأقبلْ على الشهادة بصدر يملؤه السرور، وبقلب يملؤه العزة، وبنفس تملؤها الفخر، فلا عيشَ إلا عيش الآخرة؛ فعن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (((اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة))؛ (متفق عليه).

الجهاد أمرٌ عظيم بعظم هذا الأمر، الجهاد نصر دائم؛ لأنك إما في الجنة بعد الشهادة، وإما عزيز بعد الفوز على الأعداء، فلا تنظر إلى أيامٍ تفنَى وتزول؛ فكل ما فيها زائل حتى لو طاب عيشها فهي للفناء، وإذا وضعت الدنيا أمام الآخرة، فلن تجد الدنيا إلا حقيرة ذليلة لا نخرج منها بشيء، كالذي يضعُ إصبعه في اليمِّ فلينظر بما يرجع؛ فعن ابن شداد - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بما يرجع؟))؛ (رواه مسلم).

مَن خسر آخرته من أجل الدنيا فليعلم أنه خسر خسرانًا عظيمًا؛ فالإنسان إذا خاف من الشهادة والموت في سبيل الله - تعالى - من أجل دنيا حقيرة، فوالله لقد باع نفسه بأبخس الأشياء، فهو كالجَدْي الميِّت، بل أحقر من ذلك؛ فعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بالسوق والناس كنفتيه،فمرَّ بجَدْي أسكَّ ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه، ثم قال: ((أيكم يحب أن يكون هذا له بدرهم؟))، فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ إنه أسك، فكيف وهو ميت؟ فقال: ((فوالله، للدنيا أهونُ على الله من هذا عليكم))؛ (رواه مسلم).

اثبتْ في ميدان المعركة للنصر على الأعداء لتنصرَ دينك وربك، وإن متَّ فمتْ شهيدًا كما مات الشهداء من قبلُ، واعلم أنك لن تأخذ من دنياك إلا ما قدَّره الله - تعالى - لك، واعلم أنك غريبٌ، أو عابر سبيل؛ فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمنكبيه فقال: ((كنْ في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))؛ (رواه البخاري)، فلا تركن إلى الدنيا ولا تتخذْها وطنًا، ولا تحدِّث نفسك بطول البقاء فيها، ولا بالاعتناء بها، ولا تتعلَّق بها إلا بما يتعلق به الغريب في غير وطنه، ولا تنشغلْ بها إلا بما ينشغل به الغريب الذي يريدُ الذهاب إلى أهله، وحتى نقبل على الشهادة بصدر مبتهج لا بدَّ أن نعلم أن الدنيا لا تُعِز مَن أعزَّها، ولا تُذِل مَن أذلها، فمَن أعزها أذلتْه، ومَن أذلها أعزتْه، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كانت الدنيا همه فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة))؛ (رواه ابن ماجه).

وأفضل ما يقال عن الدنيا ما كتبه الحسن إلى عمر بن عبدالعزيز في ذم الدنيا:
"أما بعد؛ فإن الدنيا دار ظعن ليست بدار مقام، فاحذرها يا أمير المؤمنين؛ فإن الزاد منها تركها، والغنى فيها فقرها، تُذِل مَن أعزها، وتفقر مَن جمعها؛ كالسم يأكله من لا يعرفه وهو حتفه، فاحذر هذه الدار الغرارة الختالة الخداعة، وكنْ أسرَّ ما تكون فيها أحذرَ ما تكون لها، سرورُها مَشُوب بالحزن، صفوها مشوب بالكدر، فلو كان الخالق لم يُخبِر عنها خيرًا، ولم يضرب لها مثلاً لكانت قد أيقظت النائم، ونبَّهت الغافل، فكيف وقد جاء من الله - عز وجل - عنها زاجر، وفيها واعظ، فما لها عند الله - سبحانه - قدر ولا وزن، ولقد عُرِضت على نبينا مفاتيحها وخزائنها، فأبَى أن يقبَلها، وكَرِه أن يحبَّ ما أبغضه خالقه، أو يرفع ما وضع مليكه، ذواها الله للصالحين اختيارًا، وبسطها لأعدائه اغترارًا، أفيظن المغرور بها المقتدر عليها أنه أكرم بها؟ ونسي ما صنع الله بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حين شدَّ على بطنه الحجر، والله ما أحد من الناس بسط له في الدنيا، فلم يخَفْ أن يكون قد مكر به، إلا كان قد نقص عقله، وعجز رأيه، وما أمسك عن عبدٍ فلم يظن أنه قد خير له فيها، إلا كان قد نقص عقله وعجز رأيه".


من طرف Unknown  |  نشر في :  11:42 ص

0 التعليقات:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل النار عين بكت من خشية الله، فهل من يبكي من خشية الله لا يدخل النار حتى وهو يفعل بعض المعاصي؟ وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد روى الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله.
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
وروى أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حُرمت النار على عين بكت من خشية الله.
وللحديث شواهد عند الترمذي وأبي يعلى، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهي تدل على أن من بكى من خشية الله فقد حرمه سبحانه على النار، ولا مانع من حمل الحديث على ظاهره، ففضل الله واسع يوتيه من يشاء وهو سبحانه جواد كريم، وقد ذكر العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: عين بكت... أن هذه هي مرتبة المجاهدين للنفس التائبين من المعاصي، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: باتت تحرس.. أن هذه مرتبة المجاهدين في العبادة لأنها قد تكون للحج أو العلم أو الجهاد، وانظر مثلاً تحفة الأحوذي.
والله أعلم. 
 

شرح حديث عينان لا تمسهم النار

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل النار عين بكت من خشية الله، فهل من يبكي من خشية الله لا يدخل النار حتى وهو يفعل بعض المعاصي؟ وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد روى الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله.
وروى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله... وذكر منهم ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.
وروى أحمد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: حُرمت النار على عين بكت من خشية الله.
وللحديث شواهد عند الترمذي وأبي يعلى، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وهي تدل على أن من بكى من خشية الله فقد حرمه سبحانه على النار، ولا مانع من حمل الحديث على ظاهره، ففضل الله واسع يوتيه من يشاء وهو سبحانه جواد كريم، وقد ذكر العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم: عين بكت... أن هذه هي مرتبة المجاهدين للنفس التائبين من المعاصي، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: باتت تحرس.. أن هذه مرتبة المجاهدين في العبادة لأنها قد تكون للحج أو العلم أو الجهاد، وانظر مثلاً تحفة الأحوذي.
والله أعلم. 
 

من طرف Unknown  |  نشر في :  11:26 ص

0 التعليقات:

قال تعالى:( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )

قوله تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )

في الآية مسألتان :

المسألة الأولى : أثبتت الهمزة الساكنة في ( نبئ ) صورة ، وما أثبتت في قوله : ( دفء ) [النحل : 5] لأن ما قبلها ساكن فهي تحذف كثيرا ، وتلقى حركتها على الساكن قبلها ، فـ ( نبئ ) في الخط على تحقيق الهمزة ، وليس قبل همزة ( نبئ ) ساكن فأجروها على قياس الأصل .

المسألة الثانية : اعلم أن عباد الله قسمان : منهم من يكون متقيا ، ومنهم من لا يكون كذلك ، فلما ذكر الله تعالى أحوال المتقين في الآية المتقدمة ، ذكر أحوال غير المتقين في هذه الآية فقال : ( نبئ عبادي ) .

واعلم أنه ثبت في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الوصف المناسب مشعر بكون ذلك الوصف علة لذلك الحكم ، فههنا وصفهم بكونهم عبادا له ، ثم أثبت عقيب ذكر هذا الوصف الحكم بكونه غفورا رحيما ، فهذا يدل على أن كل من اعترف بالعبودية ظهر في حقه كون الله غفورا رحيما ، ومن أنكر ذلك كان مستوجبا للعقاب الأليم . وفي الآية لطائف :

أحدها : أنه أضاف العباد إلى نفسه بقوله : ( عبادي ) وهذا تشريف عظيم . ألا ترى أنه لما أراد أن يشرف محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لم يزد على قوله : ( سبحان الذي أسرى بعبده ) [ ص: 155 ] [الإسراء : 1] .

وثانيها : أنه لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة :

أولها : قوله : ( أني ) .

وثانيها : قوله : ( أنا ) .

وثالثها : إدخال حرف الألف واللام على قوله : ( الغفور الرحيم ) ولما ذكر العذاب لم يقل أني أنا المعذب ، وما وصف نفسه بذلك بل قال : ( وأن عذابي هو العذاب الأليم ) .

وثالثها : أنه أمر رسوله أن يبلغ إليهم هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة .

ورابعها : أنه لما قال : ( نبئ عبادي ) كان معناه نبئ كل من كان معترفا بعبوديتي ، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع ، فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي ، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله تعالى . وعن قتادة قال : بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو يعلم العبد قدر عفو الله تعالى ما تورع من حرام ، ولو علم قدر عقابه لبخع نفسه " أي : قتلها ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بنفر من أصحابه ، وهم يضحكون فقال : "أتضحكون والنار بين أيديكم" فنزل قوله : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) والله أعلم . 

https://www.youtube.com/watch?v=GQU-fz8IG0k

شرح قول الله تعالى :(نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم )

قال تعالى:( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )

قوله تعالى : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم )

في الآية مسألتان :

المسألة الأولى : أثبتت الهمزة الساكنة في ( نبئ ) صورة ، وما أثبتت في قوله : ( دفء ) [النحل : 5] لأن ما قبلها ساكن فهي تحذف كثيرا ، وتلقى حركتها على الساكن قبلها ، فـ ( نبئ ) في الخط على تحقيق الهمزة ، وليس قبل همزة ( نبئ ) ساكن فأجروها على قياس الأصل .

المسألة الثانية : اعلم أن عباد الله قسمان : منهم من يكون متقيا ، ومنهم من لا يكون كذلك ، فلما ذكر الله تعالى أحوال المتقين في الآية المتقدمة ، ذكر أحوال غير المتقين في هذه الآية فقال : ( نبئ عبادي ) .

واعلم أنه ثبت في أصول الفقه أن ترتيب الحكم على الوصف المناسب مشعر بكون ذلك الوصف علة لذلك الحكم ، فههنا وصفهم بكونهم عبادا له ، ثم أثبت عقيب ذكر هذا الوصف الحكم بكونه غفورا رحيما ، فهذا يدل على أن كل من اعترف بالعبودية ظهر في حقه كون الله غفورا رحيما ، ومن أنكر ذلك كان مستوجبا للعقاب الأليم . وفي الآية لطائف :

أحدها : أنه أضاف العباد إلى نفسه بقوله : ( عبادي ) وهذا تشريف عظيم . ألا ترى أنه لما أراد أن يشرف محمدا صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج لم يزد على قوله : ( سبحان الذي أسرى بعبده ) [ ص: 155 ] [الإسراء : 1] .

وثانيها : أنه لما ذكر الرحمة والمغفرة بالغ في التأكيد بألفاظ ثلاثة :

أولها : قوله : ( أني ) .

وثانيها : قوله : ( أنا ) .

وثالثها : إدخال حرف الألف واللام على قوله : ( الغفور الرحيم ) ولما ذكر العذاب لم يقل أني أنا المعذب ، وما وصف نفسه بذلك بل قال : ( وأن عذابي هو العذاب الأليم ) .

وثالثها : أنه أمر رسوله أن يبلغ إليهم هذا المعنى فكأنه أشهد رسوله على نفسه في التزام المغفرة والرحمة .

ورابعها : أنه لما قال : ( نبئ عبادي ) كان معناه نبئ كل من كان معترفا بعبوديتي ، وهذا كما يدخل فيه المؤمن المطيع ، فكذلك يدخل فيه المؤمن العاصي ، وكل ذلك يدل على تغليب جانب الرحمة من الله تعالى . وعن قتادة قال : بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو يعلم العبد قدر عفو الله تعالى ما تورع من حرام ، ولو علم قدر عقابه لبخع نفسه " أي : قتلها ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مر بنفر من أصحابه ، وهم يضحكون فقال : "أتضحكون والنار بين أيديكم" فنزل قوله : ( نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم ) والله أعلم . 

https://www.youtube.com/watch?v=GQU-fz8IG0k

من طرف Unknown  |  نشر في :  11:02 ص

0 التعليقات:

الجمعة، 25 يوليو 2014


وعن أبي يحيي صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له))(110).[ رواه مسلم].




الشرح

قال المؤلف- رحمه الله- فيما نقله عن صهيب الرومي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمْرَهُ كلَّه له خير)) أي: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان
((لأمر المؤمن)) أي: لشأنه.
فإن شأنه كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.


ثم فصَّل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير، فقال: ((إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له)) هذه حال المؤمن. وكل إنسان ؛ فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين:إما سرَّاء،وإما ضرَّاء
والناس في هذه الإصابة - السراء أو الضراء - ينقسمون إلى قسمين:
مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له، إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيراً له، فنال بهذا أجر الصائمين.
وإن أصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله.
لأن الشكر ليس مجرد قول الإنسان: أشكُرُ الله,بل هو قيام بطاعة الله - عز وجل.
فيشكر اللهَ فيكون خيرًا له، ويكون عليه نعمتان: نعمة الدين، ونعمة الدنيا.
نعمة الدنيا بالسراء، ونعمة الدين بالشكر، هذه حال المؤمن، فهو على خير، سواء أصيب بسراء، أو أصيب بضراء.

وأما الكافر فهو على شر- والعياذ بالله- إن أصابته الضراء لم يصبر، بل تضجَّر، ودعا بالويل والثُّبور، وسب الدهر، وسب الزمن، بل وسب الله- عز وجل- ونعوذ بالله.
وإن أصابته سراء لم يشكر الله، فكانت هذه السراء عقاباً عليه في الآخرة، لأن الكافر لا يأكله أكلة، ولا يشرب إلا كان عليه فيها إثم، وإن كان ليس فيها إثم بالنسبة للمؤمن، لكن على الكافر إثم، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ[(الأعراف: 32]
هي للذين آمنوا خاصَّة، وهي خالصة لهم يوم القيامة، أما الذين لا يؤمنون فليست لهم، ويأكلونها حراماً عليهم، ويُعاقبون عليها يوم القيامة.
فالكافر شر، سواء أصابته الضراء أم السراء، بخلاف المؤمن فإنه على خير.


وفي هذا الحديث: الحث على الإيمان وأن المؤمن دائما في خير ونعمة .
وفيه أيضاً: الحث على الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين . فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً، تنتظر الفرج من الله - سبحانه وتعالى- وتحتسب الأجر على الله؛ فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت العكس فلُمْ نفسك، وعدِّل مسيرك، وتُبْ إلى الله.
وفي الحديث أيضاً: الحث على الشكر عند السراء، لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له، وهو من أسباب زيادة النعم، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[إبراهيم: 7]
وإذا وفَّق الله الإنسان للشكر؛ فهذه نعمة تحتاج إلى شكرها مرة ثالثة وهكذا، لأن الشكر قلَّ من يقوم به، فإذا منَّ الله عليك وأعانك عليه فهذه نعمة.
ولهذا قال بعضهم:

إذا كان شُكري نعمةَ الله نعمة= عليَّ له في مثلها يَجِبُ الشُّـكرُ
فكيف بلوغُ الشكرِ إلا بفضله= وإن طالت الأيامُ واتَّصَلَ العمرُ

وصدق - رحمه الله- فإن الله إذا وفقك للشكر فهذه نعمة تحتاج إلى شكر جديد، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلى شكر ثانٍ، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلي شكر ثالث. وهلم جرّا.

ولكننا- في الحقيقة- في غفلة عن هذا . نسأل الله أن يُوقظ قلوبنا وقلوبكم، ويصلح أعمالنا وأعمالكم؛ إنه جواد كريم.
ابن عثيمين رحمه الله

شرح حديث عجباً لامر المؤمن


وعن أبي يحيي صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له))(110).[ رواه مسلم].




الشرح

قال المؤلف- رحمه الله- فيما نقله عن صهيب الرومي: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عجباً لأمر المؤمن إنَّ أمْرَهُ كلَّه له خير)) أي: إن الرسول عليه الصلاة والسلام أظهر العجب على وجه الاستحسان
((لأمر المؤمن)) أي: لشأنه.
فإن شأنه كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن.


ثم فصَّل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا الأمر الخير، فقال: ((إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له)) هذه حال المؤمن. وكل إنسان ؛ فإنه في قضاء الله وقدره بين أمرين:إما سرَّاء،وإما ضرَّاء
والناس في هذه الإصابة - السراء أو الضراء - ينقسمون إلى قسمين:
مؤمن وغير مؤمن، فالمؤمن على كل حال ما قدر الله له فهو خير له، إن أصابته الضراء صبر على أقدار الله، وانتظر الفرج من الله، واحتسب الأجر على الله؛ فكان ذلك خيراً له، فنال بهذا أجر الصائمين.
وإن أصابته سراء من نعمة دينية؛ كالعلم والعمل الصالح، ونعمة دنيوية؛ كالمال والبنين والأهل شكر الله، وذلك بالقيام بطاعة الله.
لأن الشكر ليس مجرد قول الإنسان: أشكُرُ الله,بل هو قيام بطاعة الله - عز وجل.
فيشكر اللهَ فيكون خيرًا له، ويكون عليه نعمتان: نعمة الدين، ونعمة الدنيا.
نعمة الدنيا بالسراء، ونعمة الدين بالشكر، هذه حال المؤمن، فهو على خير، سواء أصيب بسراء، أو أصيب بضراء.

وأما الكافر فهو على شر- والعياذ بالله- إن أصابته الضراء لم يصبر، بل تضجَّر، ودعا بالويل والثُّبور، وسب الدهر، وسب الزمن، بل وسب الله- عز وجل- ونعوذ بالله.
وإن أصابته سراء لم يشكر الله، فكانت هذه السراء عقاباً عليه في الآخرة، لأن الكافر لا يأكله أكلة، ولا يشرب إلا كان عليه فيها إثم، وإن كان ليس فيها إثم بالنسبة للمؤمن، لكن على الكافر إثم، كما قال الله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ[(الأعراف: 32]
هي للذين آمنوا خاصَّة، وهي خالصة لهم يوم القيامة، أما الذين لا يؤمنون فليست لهم، ويأكلونها حراماً عليهم، ويُعاقبون عليها يوم القيامة.
فالكافر شر، سواء أصابته الضراء أم السراء، بخلاف المؤمن فإنه على خير.


وفي هذا الحديث: الحث على الإيمان وأن المؤمن دائما في خير ونعمة .
وفيه أيضاً: الحث على الصبر على الضراء، وأن ذلك من خصال المؤمنين . فإذا رأيت نفسك عند إصابة الضراء صابراً محتسباً، تنتظر الفرج من الله - سبحانه وتعالى- وتحتسب الأجر على الله؛ فذلك عنوان الإيمان، وإن رأيت العكس فلُمْ نفسك، وعدِّل مسيرك، وتُبْ إلى الله.
وفي الحديث أيضاً: الحث على الشكر عند السراء، لأنه إذا شكر الإنسان ربه على نعمة فهذا من توفيق الله له، وهو من أسباب زيادة النعم، كما قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[إبراهيم: 7]
وإذا وفَّق الله الإنسان للشكر؛ فهذه نعمة تحتاج إلى شكرها مرة ثالثة وهكذا، لأن الشكر قلَّ من يقوم به، فإذا منَّ الله عليك وأعانك عليه فهذه نعمة.
ولهذا قال بعضهم:

إذا كان شُكري نعمةَ الله نعمة= عليَّ له في مثلها يَجِبُ الشُّـكرُ
فكيف بلوغُ الشكرِ إلا بفضله= وإن طالت الأيامُ واتَّصَلَ العمرُ

وصدق - رحمه الله- فإن الله إذا وفقك للشكر فهذه نعمة تحتاج إلى شكر جديد، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلى شكر ثانٍ، فإن شكرت فهي نعمة تحتاج إلي شكر ثالث. وهلم جرّا.

ولكننا- في الحقيقة- في غفلة عن هذا . نسأل الله أن يُوقظ قلوبنا وقلوبكم، ويصلح أعمالنا وأعمالكم؛ إنه جواد كريم.
ابن عثيمين رحمه الله

من طرف Unknown  |  نشر في :  1:58 ص

0 التعليقات:

رحمة الله عليك يا غالي الى الجنان وحور العين



صور الشهيد احميد فوجو

رحمة الله عليك يا غالي الى الجنان وحور العين



من طرف Unknown  |  نشر في :  1:35 ص

0 التعليقات:

الخميس، 24 يوليو 2014

يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبى حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكرلحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة ، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره ، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك

قصة المال الضائع

يروى أن رجلاً جاء إلى الإمام أبى حنيفة ذات ليلة، وقال له: يا إمام! منذ مدة طويلة دفنت مالاً في مكان ما، ولكني نسيت هذا المكان، فهل تساعدني في حل هذه المشكلة؟فقال له الإمام: ليس هذا من عمل الفقيه؛ حتى أجد لك حلاً. ثم فكرلحظة وقال له: اذهب، فصل حتى يطلع الصبح، فإنك ستذكر مكان المال إن شاء الله تعالى.فذهب الرجل، وأخذ يصلي. وفجأة، وبعد وقت قصير، وأثناء الصلاة، تذكر المكان الذي دفن المال فيه، فأسرع وذهب إليه وأحضره.وفي الصباح جاء الرجل إلى الإمام أبى حنيفة ، وأخبره أنه عثر على المال، وشكره ، ثم سأله: كيف عرفت أني سأتذكر مكان المال ؟! فقال الإمام: لأني علمت أن الشيطان لن يتركك تصلي ، وسيشغلك بتذكر المال عن صلاتك

من طرف Unknown  |  نشر في :  1:24 ص

0 التعليقات:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.
back to top